تونس‭ ‬–‭ ‬الجزائر‭: ‬اخوة‭ ‬دائمة‭ ‬و‭‬جسور‭ ‬ثابتة‭…‬

بقلم‭ ‬مدير‭ ‬التحرير:‭ ‬رشاد‭ ‬المثلوثي

عندما‭ ‬يكتب‭ ‬قاضي‭ ‬عن‭ ‬العلاقات‭ ‬التونسية‭ ‬الجزائرية‭ ‬و‭ ‬هم‭ ‬الدكتور‭ ‬جابر‭ ‬غنيمي،‭ ‬فاعلم‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الاخوة‭ ‬تنهل‭ ‬من‭ ‬العدل‭ ‬و‭ ‬التكافؤ‭ ‬و‭ ‬الاحترام‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭:‬تكتسي‭ ‬العلاقات‭ ‬الجزائرية‭ ‬التونسية‭ ‬طابعا‭ ‬خاصا‭ ‬واستثنائيا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عمق‭ ‬روابط‭ ‬الأخوة‭ ‬الصادقة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬البلدين.

وتعد‭ ‬تونس‭ ‬الدولة‭ ‬الأكثر‭ ‬توافقا‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬نتاج‭ ‬الدعم‭ ‬الكبير‭ ‬المتبادل‭ ‬بين‭ ‬النظامين‭ ‬السياسيين‭ ‬لكلا‭ ‬الدولتين،‭ ‬و‭ ‬بذلك‭ ‬تميز‭ ‬السلوك‭ ‬السياسي‭ ‬الخارجي‭ ‬للجزائر‭ ‬تجاه‭ ‬تونس‭ ‬بأنـه‭ ‬سـلوك‭ ‬تعاوني‭ ‬ذو‭ ‬بعد‭ ‬تكاملي،‭ ‬و‭ ‬هذه‭ ‬الطبيعة‭ ‬قديمة‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المحطات‭ ‬من‭ ‬تضارب‭ ‬في‭ ‬المصالح‭.‬

و‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬بنود‭ ‬معاهدة‭ ‬الوفاق‭ ‬و‭ ‬الإخاء‭ ‬الممضية‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬أخذت‭ ‬طريقها‭ ‬و‭ ‬كانـت‭ ‬الخيط‭ ‬الناظم‭ ‬و‭ ‬المسار‭ ‬الضابط‭ ‬للتعاون‭ ‬الجزائري‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الثنائي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬الاتفاقيـة‭ ‬المؤسسة‭ ‬لاتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬ديباجة‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬يـوحي‭ ‬بان‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬هي‭ ‬لتعزيز‭ ‬روابط‭ ‬التعاون‭ ‬المغاربي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬بناء‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭.‬

ونجاح‭ ‬المسار‭ ‬التعاوني‭ ‬الثنائي‭ ‬مع‭ ‬تونس‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬الجزائـر‭ ‬لمسـالة‭ ‬التعـاون‭ ‬الثنـائي‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬عامة‭ ‬تضبط‭ ‬التصور‭ ‬العام‭ ‬لسياستها‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬حيث‭ ‬استمرت‭ ‬الجزائـر‭ ‬في‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬القطاعية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬اللجان‭ ‬المشتركة‭ ‬القطاعية‭ ‬و‭ ‬المؤكـدة‭ ‬لعمـق‭ ‬العلاقـات‭ ‬الجزائرية‭ ‬التونسية‭.‬

لقد‭ ‬مثلت‭ ‬تونس‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭ ‬سنة‭ ‬1956‭ ‬البوابة‭ ‬التي‭ ‬ينفذ‭ ‬منها‭ ‬الساسة‭ ‬الجزائريون؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬رأت‭ ‬فيه‭ ‬فرنسا‭ ‬عدوانا،‭ ‬فحاولت‭ ‬تأديب‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬واقعة‭ ‬ساقية‭ ‬سيدي‭ ‬يوسف‭ ‬في‭ ‬08‭ ‬فيفري‭ ‬1958،‭ ‬والتي‭ ‬امتزجت‭ ‬فيها‭ ‬دماء‭ ‬الشهداء‭ ‬للشعبين‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬وتكريسا‭ ‬لوحدة‭ ‬المصير‭.‬

و‭ ‬يشترك‭ ‬الشعبين‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬وهي‭ ‬التكلم‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬و‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬هو‭ ‬الدين‭ ‬الاسلامي،‭ ‬ووحدة‭ ‬الدين‭ ‬و‭ ‬اللغة‭ ‬تسهل‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬والشعور‭ ‬المشترك‭ ‬بالانتماء‭ ‬الى‭ ‬الامة‭ ‬العربية‭ ‬الاسلامية‭.‬

كما‭ ‬يشترك‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬المصير‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬امن‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬امن‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬امن‭ ‬و‭ ‬استقرار‭ ‬تونس‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬امن‭ ‬و‭ ‬استقرار‭ ‬الجزائر،‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬مجابهة‭ ‬العمليات‭ ‬الارهابية‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬البلدين‭ ‬الا‭ ‬اثبات‭ ‬للتعاون‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الامني‭ ‬و‭ ‬العسكري‭ ‬و‭ ‬الاستخباراتي‭. ‬

و‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ونظرا‭ ‬للأهمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬توليها‭ ‬الجزائر‭ ‬للاستثمار‭ ‬تم‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬تعاون‭ ‬حول‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬و‭ ‬حماية‭ ‬متبادلة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬بما‭ ‬من‭ ‬شانه‭ ‬دفع‭ ‬المبادرات‭ ‬الاقتصـادية‭ ‬الخاصة‭ ‬و‭ ‬منح‭ ‬معاملة‭ ‬منصفة‭ ‬و‭ ‬عادلة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المعاملة‭ ‬التفاضلية‭ ‬مما‭ ‬فـتح‭ ‬المجال‭ ‬ل‭ ‬17‭ ‬مشـروع‭ ‬استثماري‭ ‬تونسي‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬25‭ ‬مشروع‭ ‬جزائري‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬

ونظـرا‭ ‬للطـابع‭ ‬السياحي‭ ‬والخبرة‭  ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬لدى‭ ‬تونس‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬التوافد‭ ‬الكبير‭ ‬للسواح‭ ‬الجزائريين‭ ‬و‭ ‬الـذي‭ ‬بلغ‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬سنويا‭ ‬تم‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقية‭ ‬نقل‭ ‬الأشـخاص‭ ‬و‭ ‬البضائع‭ ‬سنة‭ ‬2001‭ ‬لتسهيل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجمركية‭ ‬والرقابية‭ ‬على‭ ‬مواطني‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬و‭ ‬اتفاقيـة‭ ‬تخص‭ ‬الاعتراف‭ ‬المتبادل‭ ‬برخص‭ ‬السياقة‭ ‬و‭ ‬استبدالها‭ ‬لتسهيل‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬طرقات‭ ‬البلدين‭. ‬وقامت‭ ‬الجزائر،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬تشير‭ ‬إليه‭ ‬ذات‭ ‬الإحصائيات،‭ ‬بتصدير‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬1‭.‬032‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬مقابل‭ ‬واردات‭ ‬منها‭ ‬قدرت‭ ‬ب‭ ‬228‭.‬20‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬

و‭ ‬بذلك‭ ‬تعتبر‭ ‬تونس‭ ‬ثاني‭ ‬شريك‭ ‬اقتصادي‭ ‬للجزائر‭ ‬في‭ ‬افريقيا،‭ ‬وطاقويا،‭ ‬تستفيد‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬إمدادات‭ ‬غازية‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬الجزائري‭ ‬–‭ ‬الايطالي‭ ‬العابر‭ ‬للمتوسط‭ ‬“ترانسماد”،‭ ‬بحجم‭ ‬3‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬إذ‭ ‬تحصل‭ ‬الخزينة‭ ‬التونسية‭ ‬بذلك،‭ ‬عائدا‭ ‬يقدر‭ ‬ب‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬تونسي‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬173‭.‬34‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬

للاطلاع على العدد الخاص من مجلة همزة وصل بمناسبة الاحتفال بذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *