الخبير في المالية المحلية، فيصل القزاز لهمزة وصل: ” دستور جويلية 2022 عزز الجماعات المحلية و ليس العكس “

لما تتحدث الى أحد خريجي الأجيال الأولى للمدرسة الوطنية للإدارة، ستقف بلا شك عند عظمة الإدارة التونسية، قوام الدولة الوطنية وعمادها. و بالنظر الى التحولات الكبرى التي تشهدها تونس منذ 25 جويلية 2021 على المستوى الدستوري و التنظيمي للسلطات المحلية و الجهوية و الوطنية فان لن تجد بلا شك أيضا احسن منه لتفكيك منظومة البناء القاعدي كأساس للجمهورية الجديدة التي بشر بها مسار 25 جويلية 2021.   

انه الاطار السامي، فيصل القزاز، خريج المدرسة الوطنية للإدارة العمومية بالرباط بالمملكة المغربية اختصاص إدارة عامة دورة 1992 ثم مرحلة التكوين المستمر بالمدرسة الوطنية للإدارة بتونس سنة 1998.   

ولد فيصل القزاز في 21 جويلية 1965 بمدينة الكريب من  معتمدية سليانة و انطلق في مسيرته المهنية كمتصرف بإحدى بلديات الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة ثم رئيس مصلحة قبل ان يلتحق في موفى سنة 1999 بالإدارة  العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية اين تم تكليفه بملف الجباية المحلية ثم  تدرج في مختلف الرتب و الوظائف في مجال المالية المحلية الى ان تم تعيينه في سنة 2017 في خطة مدير عام للموارد و حوكمة المالية المحلية و حاز في سنة 2018 على رتبة متصرف عام للداخلية ثم مكلفا بمأمورية سنة 2019 قبل تعيينه رئيسا لبرنامج الشؤون المحلية.

و لفهم التحولات الكبرى التي تشهدها تونس دستوريا و تنظيميا لمختلف السلطات و منها السلطات المحلية، استأنست مجلة همزة وصل بهذه الكفاءة المختصة في الجماعات المحلية لتفكيك هذه المنظومة خاصة بالنسبة لقرائنا من افراد الجالية التونسية بالخارج. يقول في هذا الغرض، فيصل القزاز:  ” انتظمت يوم الأحد 24 ديسمبر كما هو  معلوم  أول انتخابات محلية بتونس، وذلك بعد مسار سياسي ودستوري وقانوني وإجرائي مهد لهذه الانتخابات، وهو مسار عبر عنه الرئيس قيس سعيد بصفة جلية سنة 2019، قبل وأثناء حملة الانتخابات الرئاسية لنفس السنة، وقد شرع رئيس الجمهورية فعليا منذ 25 جويلية 2021 في تجسيم برنامجه الانتخابي الذي وعد به ناخبيه.

ويجدر التذكير  في هذا الصدد برغبة الرئيس منذ البداية في احداث تغيير جوهري في منظومة الحكم المحلي بقوله “أنّه لابّد من إعادة النظر في مجلة الجماعات المحلية الحالية وإعادة النظر في التنظيم السياسي والإداري الذي لابّد أن ينطلق من المحلّي نحو المركز مرورا بالجهوي”،  مضيفا إنّه :” ليس لديه برنامج انتخابي تقليدي ولكن له تصوّر جديد قائم على تمكين الشعب من الآليات التي تتيح له تحقيق ما طالب به من حرية فعلية وكرامة حقيقية وتلبية مطالبه وحاجيات باعتبار أنّ الاختيارات الكبرى تنبع من الإرادة الشعبية من المستوى المحلي والجهوي”، مؤكدا دائما على  أنّ تصوّره يرتكز على “بناء سياسي وإداري جديد ينطلق من المحلي في كلّ معتمدية وذلك بإنشاء مجالس محلّية يقع اختيار أعضائها بطريقة   الاقتراع على الأفراد والذين تفرزهم الانتخابات  اذ أن القضية بالنسبة لرئيس الجمهورية ليست التزامات فقط، بل إن الأمر يتعلق بالوضع العام للبلاد الذي يقتضي إعادة بناء سياسي وإداري جديد حتى تصل إرادة المواطنين في كل منطقة من مناطق الجمهورية إلى المستوى المركزي، وحتى تكون التشريعات الوطنية تشريعات تعبر عن إرادة المواطنين فان تونس تحتاج إلى رؤية بديلة للحكم والتنمية، وإلى إصلاحات حقيقية، وإلى بناء جديد يؤسس لا فقط لدولة القانون، بل كذلك لمجتمع القانون و هو م ا بشر به دستور 25 جويلية 2022 و انطلقنا بالفعل في تنفيذه من خلالا تنظيم الانتخابات المحلية الأخيرة.

و  تقنيا حدد  المرسوم الرئاسي المتعلق بمجلس الجهات والأقاليم، وهو المرسوم الذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) يوم الخميس 9 مارس 2023، والذي عكس بشكل واضح هذه المرة فلسفة الرئيس المتعلقة ب”البناء القاعدي” في مقابل الديمقراطية التمثيلية  فوفق المرسوم الرئاسي، يتم فقط انتخاب المجالس المحلية بشكل مباشر وباعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد. في حين ستعتمد “القرعة” في عملية اختيار الممثل عن المجلس المحلي بالمجلس الجهوي الراجع له بالنظر، وينتخب أعضاء كل مجلس جهوي ممثليهم بمجلس الأقاليم. هكذا، ستكون هناك مراوحة بين الانتخاب المباشر وغير المباشر والقرعة. و عليه فان  “الجهة هي المحرّك الأساسي للتنمية والفاعل الأساسي في التجديد الديمقراطي والاجتماعي اذ تنبعث السلطات في مستوى الجهات على أساس مبدأ الانتخاب العام الحر، المباشر والسرّي وفق نظام يسمح بأقصى شروط الترشّح والانتخاب الحريّن طبق نظام الاقتراع على الأفراد ووفق نظام دوائر انتخابية أكثر قربًا لمواطني الجهات. و بناء على ما تقدم، تتمتّع الجهة بسلطة شعبية جهوية تمارس بواسطتها المداولات وتتّخذ القرارات وتراقب أداء الإدارة الجهوية والمحلية التي تتألّف من الإدارات القطاعيّة وتنسّق بينها وتمارس سلطات واسعة على الإدارة الجهوية في المسائل المتّصلة أوّلاً بالتنمية وثانيًا بالمرافق العموميّة وحفظ الأمن والصحّة وتعتبر فضاء وصل بين كافة الهيئات والجمعيات التنمويّة الناشطة في الجهة ويكون لها سلطة تحديد منوال التنمية الملائمة لاحتياجاتها وإمكانياتها.

و هكذا فان أن طريقة التنظيم المذكورة انفا ستمكن من بلوغ مرحلة استعادة السلطة ومراكز نفوذ النظام انطلاقًا من القاعدة إلى المركز وبناء نظام حكم ديمقراطي فعلي داخل دولة ذات بعد اجتماعي وفق مقاربة الحوكمة التشاركية والديمقراطية المحلية التشاركية.

Please follow and like us:
Pin Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *