بعد مسار مهني دام عقودا في الوظيفة العمومية، غامرت فتحية عبد الحق- الرائدة حاليا في مجال تثمين المواد المحليّة في تطاوين- بترك وظيفتها من أجل تحقيق حلمها في الانتصاب للحساب الخاص لإثبات قدرتها على النجاح والتميّز، ورغبة منها في التجديد والابداع في قطاع محلي يعتمد أساسا على المنتجات المحلية الاصيلة من الموروث الغدائي.
غادرت فتحية عبد الحق الوظيفة العمومية رغم معارضة أسرتها بعد ان قضت فيها سنوات طويلة لتنشئ مشروعها في إنتاج العديد من المواد المنزلية التي لم تحظ سابقا باهتمام الباعثين، ولم تنل ما تستحقه من عناية، فجعلت حياتها في فضاء بيولوجي متنوّع من خلال اتجاهها الى تثمين عديد المواد في محيطها وخاصة انتاج النخلة في اطار اقتصاد دائري لا يستثني عنصرا من هذه الثمرة المباركة، وفق ما أكدته لصحفي “وات”.
كانت بدايتها سنة 2018 الا ان سنوات “جائحة “كورونا” افسدت عليها انطلاقة مشروعها الذي تحصلت من أجل بعثه على قرض بـ 18 الف دينار من البنك التونسي للتضامن وآخر بـ5 الاف دينار من برنامج “رائدات” بعد ان شاركت في أكثر من دورة تكوينية في المركز الفلاحي بالقرضاب، ومركز واحة تلالت من معتمدية تطاوين الشمالية.
تؤكد فتحية أن انطلاقتها كانت صعبة من حيث الاجراءات الادارية المعقدة والتي مثّلت الصدمة الاولى على هذا الدرب الجديد إلا أنّ عزيمتها كانت أشدّ وحرصت على أن تكون باكورة انتاجها مشتقات التمور والتي استخرجت منها عصير التمر أو ما يعرف بـ” الرُب”، ثمّ استخرجت سكر وخل التمر، وأخيرا قهوة نوى التمر، إضافة الى بقايا كل هذه المنتجات لتكون علفا للماشية، مستغلة هذه الثمرة استغلالا تاما دون اعتماد أية مادّة حافظة وغير طبيعية، لتنتج بذلك بدائل لعديد المواد المصنعة للصغار والكبار.
كما عملت على توفير دقيق القمح ودقيق الشعير ودقيق الارز دون ” غلوتان” وهي منتوجات مفقودة في الجهة ويحتاجها خاصة مرضى الأبطن ممن يعانون من حساسية ضد “القلوتان” وهم كثر، حيث حرصت هذه الحرفية على توفيرها بالكميات الكافية لفائدة طالبيها.
الى جانب هذه المواد أدخلت فتحية “البسيسة” العادية او الخالية من “القلوتان” ضمن منتجاتها، وهي اكلة معروفة ومطلوبة في الجهة، كما أضفت على هذه المنتجات لمستها الخاصة بأن جمعت فيها عديد المواد المحلية والمنكهة مثل السمسم الذي ادخلته بمقدار على “الرُب” والذي مزجته ايضا بمعجون وزبدة “الكاكاو” والفواكه الجافة ايضا وهي خلطات متنوعة ومختلفة تراعي اذواق وحاجيات الحرفاء.
كما تحرص فتحية عبد الحق على المشاركة في المعارض داخل البلاد وخارجها، وكانت بدايتها في الدورة الرابعة لمناظرة المنتجات المحلية التي نظمتها وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية بالعاصمة، وتحصلت فيها على الجائزة الاولى والميدالية الذهيبة ما أهلها للمشاركة في معرض دولي بقطر فضلا عن مشاركاتها في معارض الصناعات التقليدية بصفتها حرفية.
أما بخصوص أهدافها، قالت عبد الحقّ إن رغبتها شديدة في تطوير مشروعها خاصة وأن الاقبال على انتاجها بدأ يتزايد، غير أن مصادر التمويل تبقى العائق الأبرز لديها، مؤكدة حرصها شديد على ان تواصل مغامرتها وتحقّق حلمها باقتناء تجهيزات جديدة والحصول على “الاشهاد” لتسويق انتاجها في الخارج شعارها في كل هذا “النجاح او النجاح”