و تعاني تونس من أزمة اقتصادية خانقة، انعكست على مناح عدة من حياتها اليومية. ففضلا عن تبعات جائحة كورونا التي أرخت بظلالها الثقيلة على المشهدية العامة في البلاد، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الطين بلة، وتهدد التونسيين بلقمة عيشهم بشكل مباشر نتيجة آثارها على امدادات الطاقة والمواد الغذائية.
إضافة إلى ذلك، تأتي ظاهرة الهجرة التي طالت فئات واسعة من المجتمع التونسي، كحل رأوه وحيدا لمجابهة الفقر وانعدام الثقة بالمستقبل في بلادهم. تلك الظاهرة لا تخلو من المآسي، ولنا في حادثة غرق القارب الذي انطلق من جرجيس قبل نحو شهر مثال حي على ذلك. عشرات الجثث تم انتشالها من قبل صيادي الأسماك، بعضها دفن في «مقبرة الغرباء»، ما أشعل غضبا واسعا لدى ذوي الضحايا من الطريقة التي تم التعاطي بها مع جثث أبنائهم، ومن غياب الدور الرسمي لمتابعة تلك القضية، وفقا لهم.
هجرة العائلات والقصر
ظاهرة الهجرة طالت فئات متعددة من المجتمع التونسي، كما أسلفنا، حيث لم تعد مقتصرة على الشباب الباحث عن فرص عمل وحياة أفضل، بل طالت العائلات التي باتت تهاجر بأكملها.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تحدث مسبقا عن الارتفاع الحاد بأعداد المهاجرين التونسيين إلى أوروبا، خاصة عبر البحر.
وفي إحصاءات خاصة به، قال المنتدى إن نحو 15,400 ألفا وصلوا السواحل الإيطالية منذ مطلع 2022، مقارنة بنحو 16 ألفا خلال عام 2021 بأكمله. وفي حديث سابق أشار رمضان بن عمر، الناطق باسم المنتدى، إلى أن بين هؤلاء أكثر من 2,400 قاصر ونحو 500 عائلة.
«أكثر من 15 ألفا وصلوا أوروبا عبر تركيا وصربيا»
وبسبب ارتفاع نسبة المخاطر للهجرة عبر البحر، حيث تم تسجيل أكثر من 540 حالة غرق لمهاجرين انطلقوا من السواحل التونسية منذ مطلع العام الجاري، بات التونسيون يبحثون عن طرق بديلة، عبر البر. هنا تبرز طريق البلقان الشهيرة، التي عادت لتحتل أخبار الهجرة منذ أشهر قليلة.
و خلال حديثه مع وسائل إعلامية محلية يوم الخميس 13 أكتوبر 2022، قال بن عمر إن أكثر من 15 ألفا تمكنوا من الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر تركيا وصربيا.
وتعتبر تركيا نقطة انطلاق رئيسية لكثير من المهاجرين الساعين للوصول للأراضي الأوروبية، إما عبر الحدود البرية مع اليونان وبلغاريا وصربيا، أو عبر البحر باتجاه اليونان.
وكان علاء الطالبي، من المنتدى التونسي، قد صرح لمهاجر نيوز في وقت سابق أن «الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية شكلت عبئا ثقيلا على التونسيين».
وأضاف «فضلا عن ذلك، تأتي مشكلة تشديد الإجراءات الأوروبية لمنح تأشيرات شنغن لتضاف إلى الأزمة العامة، فيسعى الراغبون بالهجرة لاتخاذ أي طريقة متاحة أمامهم مهما كانت خطرة».
وتعيش تونس أزمة سياسية واقتصادية حادة أدت إلى ارتفاع مستويات الفقر بشكل كبير، ليصبح نحو أربعة ملايين من مواطنيها تحت خط الفقر. وذلك في وقت بلغت فيه معدلات التضخم في البلاد مستويات قياسية أثرت على ارتفاع الأسعار وفقدان مواد غذائية رئيسية من الأسواق.
المصدر : المهاجر نيوز